الخميس، 27 سبتمبر 2012

رغم محاصرته بسبب معاداته للثقافة الصهيونية
مارك إدوار ناب يصدر كتاباً جديداً ويتنافس على جائزة أدبية
2010-10-23 
باريس - محمد المزديوي 
ليس سراً أن الكاتب الفرنسي مارك إدوار ناب من أهم الكتاب الفرنسيين، حالياً (27 كتاباً في دار النشر الشهيرة غاليمار وغيرها)، رغم سطوة الميديا في فرنسا، وسقوط الثقافة والبرامج الثقافية بين أيدي ثلة من المتصهينين، تحدّث عنهم وعن دسائسهم وصناعتهم لراهن الثقافة الفرنسية، اليوم، الكاتبُ الفرنسي الكبير رونو كامو، في كتابه المثير للجدل «بادية فرنسا»، قبل أن ينهار بسبب الهجوم الصهيوني، ويعتذر لهم، ويؤسس حزباً سياسياً، شغله الشاغل هو محاربة الإسلام والمسلمين، ولكن مارك إدوار ناب، وهو ابن عازف الجاز الشهير مارسيل زانيني(من أصول إيطالية)، كما أنه عازف جيد على القيثار، ويشارك أباه أحياناً، كما أنه من أهم المضطلعين بثقافة الجاز الأميركية، مُحاصَرٌ، بالمعنى الحقيقي للكلمة، إذ بسبب آرائه المعادية للصهيونية، حرم من البرامج الثقافية في التلفزيون الفرنسي (انهال عليه مرة الصحافي بن عمو، وهو صهيوني، بالضرب وأدماه، كما أن البرامج القليلة التي تستدعيه تُحرّف بعض كَلِمِه، وتشوه مراميه)، كما أن الصفحات الثقافية الفرنسية لا تقبل الحرية التي يعبر عنها في كتابته ولا ميوله السياسية، فهو من الفوضويين اليمينيين والمعادين للصهيونية، وحتى دور النشر الفرنسية قاطعته، فقرّر، مُكرهاً، الاتجاه للنشر الذاتي، وأصدر كتابه الجديد، واختار له عنواناً مثيراً، «الرَّجُلُ الذي توقَّفَ (أوقف نفسه)عن الكتابة»، ولأنه قرر مقاطعة القنوات العادية لتجارة وتسليع الكتاب فالكتاب يُطلب من موقع الكاتب مباشرة، مع دفع رسوم البريد: (www.marcedouardnabe.com).
والغريب أن تناول موضوع هذا الكاتب، الموهوب، والذي بدأ الكتابة في وقت مبكر جداً (من مواليد 1958)، وسط إعجاب شديد من الوسط الباريسي للثقافة، في هذا الوقت، دليل على أن الكتابة الأصيلة لا تضيع رغم كل الحصارات وكل التضييق، ولم يكن مفاجئاً أن يورد ملحق صحيفة «لوموند» للكتب، هذا الأسبوع، خبراً عن ورود اسم مارك إدوار ناب في قائمة المتنافسين على جائزة رونودو، ولو أن ثمة عقبات قادمة واختيارات أخرى، يمكن أن تحيط به وتمنح الجائزة لكاتب «مقبول» و «محترم».
الدروس المستفادة من عودة الابن الضال للأدب الفرنسي كثيرة، منها أن ثمة من الكتاب الفرنسيين، أعضاء تحكيم الجائزة، من لا يزال موضوعياً ويمتلك حرية إغضاب القطيع أو السائد، ومن بينهم الكاتب «باتريك بيسون».
وإذا كان الكثيرون هاجوا لمجرد ورود اسم مارك إدوارد ناب في القائمة غير النهائية، بسبب قدومه من غير الطريق العادي للكِتَاب وتسويقه، أي من دار نشر معلنة «ومحترمة»، فإن الكاتب بيسون ذكّرهم بأن النشر الذاتي، كان معروفاً في الماضي، ويورد بعض أسماء الملتجئين إليه وعلى رأسهم، دوستويفسكي وتولستوي، فلِمَ لَوْم مارك إدوار ناب، وحده؟!
لا يُعوّل مارك إدوار ناب، كثيراً على الجائزة، فثمة مطبّات كثيرة في طريقها، ولكن هذه الدعاية المجانية، تساعده على زيادة مبيعات كتابه، ويستطيع «أبله باريس»، وهو عنوان لصحيفة مشاكسة أصدرها قبل سنوات، قبل أن تختفي، أن يفخر بكونه يحصل على %70 من قيمة الكتاب (عادة ما يحصل الكاتب، في الغرب، على %10 من حقوق المؤلف) في حين أن %30 تذهب إلى المطبعة.
ولمن يعشق الجاز، فما عليه، حين زيارة باريس، إلا اقتناص السهرات النادرة التي ينجزها الأب العجوز، في مطعم «لوبوتي جورنال»، وبرفقة ابنه الكاتب، عازفاً للقيثار، في انسجام فني رائع.
في كل مكابدات الكاتب وأشكال الحصار عليه كان أبوه حاضراً، وبقوة. ويأتي، بعد كل هذا، مَنْ يطالبنا بقتل الأب (رمزياً، نقصد، حسب فرويد!).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق