الجمعة، 1 نوفمبر 2013

الأوباش في فرنسا ونيكولا ساركوزي!

من هم الاوباش؟ وهل لهم وجود الان؟ الأثاث الغسالات
5 النقاط عدد الإجابات: 2 عدد الزيارات: 1286
0
بدون اسم 
22‏/09‏/2010 3:29:29 صالإبلاغ عن إساءة الاستخدام
من هم الاوباش؟ وهل لهم وجود الان؟
الإجاباتالتصنيف بحسب الوقت التصنيف بحسب التصويت
-1
من هم «الأوباش»؟ وماذا بقي لهم من هويتهم العربية؟

جيل الهجرة الثالثُ في فرنسا يريد مُوَاطَنَة حقيقية


باريس: محمد المزديوي
لم تكن الكلمات التي تفوّه بها وزير الداخلية نيكولا ساركوزي المعروف بتسرعه وكلماته الطائشة، هي التي أعطت الشرارة لأعمال العنف والشغب التي اجتاحت فرنسا كلها، ولا كافية لتفسير الحالة الحقيقية التي يعيش عليها أبناء الهجرة الثانية والثالثة. إن كلمات من قبيل «الأوباش» و«الأوغاد» أو «الحثالة» كلمات قاسية في حق مواطنين فرنسيين، أو ممن يُعتَرَف لهم بالمواطنة، ولو أن المعاملة التي يلقونها هي من الدرجة الثانية أو الثالثة، ولكن الحالة المأساوية هي وليدة سياسات فرنسية متعددة للاستيعاب والإدماج منذ أكثر من ثلاثين سنة. فمن هم هؤلاء الغاضبون؟ وماذا بقي لهم من أصولهم العربية؟ وهل المشاعر الدينية هي جزء من حساباتهم؟
اتبعت فرنسا منذ البدء، سياسات قائمة على التجريبية التي لا تراعي اهتماما بثقافة الآخر، ولا باختلافاته التي لا يمكن لعصا الجمهورية السحرية أن تُوجد حلا نهائيا لها.

إنّ المرحلة التي كانت تلتجئ فيها السلطات الفرنسية إلى الآباء والحُكماء للتحكم في أبنائهم ولّتْ. لقد شبّوا عن الطوق، بالفعل، وانهارت القيم البدوية والأسرية التي كانت رابطا وضأمنا للهدوء والخضوع والتراتبية.

ولكن المُلاحِظ لِما يحدث الآن يجب ألا يقع في مطب إطلاق الاتهامات جزافا على هؤلاء الفاعلين للأحداث. لقد سارعت التصريحات السياسة اليمينية والعنصرية إلى الزج بالإسلام والتطرف الديني إلى الواجهة، بل وصل الأمر إلى درجة التصريح بوُجود قيادة مشتركة تنسق الحوادث والاضطرابات على الصعيد الفرنسي بل والأوروبي. وهو ما جعل أحد قياديي الجبهة الوطنية اليمينية يتحدث عن «قيادة مشتركة للانتفاضة».

لقد اندلعت شرارة الأحداث من منطقة فقيرة في الضاحية الباريسية تحمل رقم «93»، وتقطنها جاليات مغاربية وكذلك مجموعات سكانية من أفريقيا السوداء، بالإضافة إلى فرنسيين مسحوقين وبرتغاليين وأتراك. وهي منطقة معروفة بالتوتر الدائم بين سكانها الفقراء وشرطة استفزازية وعنصرية، كثيرا ما ولدت انتفاضات كان يتم إيجاد حلول أمنية قمعية لها من دون التفكير، بجدية، في حلول جذرية.

لقد أصبحت فرنسا تُعايش الآن الجيل الثالث من المهاجرين. انتهى زمن الآباء الأوائل الذين قدموا تعبهم وأوهامهم التي كانت تنحصر في أمل الاشتغال لسنين قليلة ثم العودة إلى مسقط رؤوسهم. ثم وجدوا أنفسهم غارقين في أوضاع لم يكونوا يريدونها، وأصبحت مسألة العودة إلى الوطن تلاقي صعوبات أكثر فأكثر. وللتخلص من الأوضاع الصعبة التي كانوا يعيشونها قرروا، في نهاية الأمر، إحضار عائلاتهم، إن أبناءهم هم منْ أُطلق عليهم مصطلح الجيل الثاني، أو «LES BEURS». وقد عانى أبناء الجيل الثاني من صعوبات لا حصر لها، إذ انهم قاسوا من أمية آبائهم ومن عدم اعتراف الفرنسيين بفرنسيتهم الكاملة. لقد اشتغل الباحث الجزائري الراحل أحمد صياد كثيرا على موضوع المهاجرين، وكرس حياته كلها للبحث في معاناتهم التي لا يستهان بها والتضحيات التي قدموها والتي لم يعترف بها أحد. ويعتبر كتابه «الغياب المزدوج» DOUBLE ABSENCE من أفضل ما كتب عن هؤلاء الضائعين بين عَرَب (المغرب العربي) لا يعترفون بهم وفرنسيين لا يرون فيهم مواطنين بمعنى الكلمة. ومات هذا الباحث في صمت كبير لم تكسره سوى نداءات عالم اجتماع فرنسي آخر «بيير بورديو»، لأبناء الهجرة، بوجوب قراءة الباحث الراحل واستعادة نُصوصه، خصوصا أنها دراسات لم تفقد جديتها وجدواها.

إن مظهر الفوارق الضخمة ما بين باريس الباذخة والضواحي التعيسة، وخصوصا الضاحية القريبة التي انطلق منها التمرد، المعروفة بـ «93»، هي ما أطلق الشرارة الأولى.

الخلفية الثقافية للأحداث

مسألة الهوية لم تعُد ملحة كما في السابق، إذْ ان أبناء الجيل الثالث (وهم من بين الفاعلين، وليسوا وحدهم، إذ يوجد فرنسيون وبرتغاليون وسود أيضا، وهم كُثُرٌ) بذلوا مجهودا كبيرا للاندماج في المجتمع الفرنسي، بل وصل بهم الأمر أحيانا، إلى تقديم تضحيات مهينة وجبارة في التأقلم (بل وفي قتل الأب بالمفهوم النفسي الفرويدي، أي في التمرد على سلطة الأب المحافظ والرجعي)، وأيضا إلى درجة أن العديد منهم اختاروا لأنفسهم أسماء فرنسية. ولكن البشرة والملامح، تفضحُ في المحصلة النهائية.

انتماؤهم

لم يعبر أبناء الجيل الثاني ولا الثالث، والجيل الثالث هو الذي يعنينا هنا بشكل قوي، عن شعورهم الديني (الإسلام هنا) إلا في شكل ضعيف، واتخذ صبغات فولكلورية احتفالية في غالب الأحيان (رمضان). إذن فإن مسألة التدين ضعيفة، والانتماء يظل ثقافيا بحتا، وتكاد نسب ارتياد دور العبادة تتعادل مع الفرنسيين المسيحيين. الدينُ يصبح مسألة ملحة وراهنة كلما كانت الدولة الفرنسية مدعوة، باسم ماضيها الكولونيالي، وانسجاما مع إحساس الشعور بالعظمة، إلى اتخاذ موقف سياسي أو عسكري يمكنه أن يصدم الأقلية العربية الإسلامية (حروب فلسطين والعراق...). في هذه الأثناء تُطرَحُ من جديد مسألة هذه الأقليات العربية الإسلامية ومسألة الولاء. إنّ الثقة في وَلاَء العربي أو ذي الأصول العربية للدولة الفرنسية أو ما يسمى بالجمهورية، ما يزال موضوعا خاضعا للنقاش والمزايدة. ولعل أبلغ مثال على هذا يمكن استشفافُهُ في موضوع الجنود الفرنسيين من أصول عربية وإسلامية. ففي ملف هام نشرته جريدة »لوموند« الفرنسية الشهر الماضي مكرّس لوضعية الجنود الفرنسيين من جذور عربية وإسلامية، يكتشف القارئ وضعية عنصرية واحتقاراً شديدا، يتعرض له هؤلاء الفرنسيون العرب. إذ أنهم عرضة دائمةٌ لمعاملة دونية، كما أن أداء طقوسهم الدينية ـ من صلاة وصوم ـ ورفضهم تناول لحم الخنزير وشرب المشروبات الروحية، يجعلهم في وضعية يرثى لها.

ماذا بقي من كل هذه الأشياء، بالفعل؟

في الحقيقة لم يَبق للأصول العربية لهؤلاء المولودين في فرنسا من شيء. إننا نقصد أن لا شيء يمكنه أن يهدد الجمهورية الفرنسية. الذين تربوا ودرسوا في مدارس الجمهورية ونهلوا من تراث العلمانية، لم يعد لهم من التصاق صاخب وغير عقلاني بالأصول العربية، إلا فيما تبقى من أسمائهم وعائلاتهم. لقد أصبح رهان الاندماج في الجمهورية التي تلغي في رحمها كل التناقضات، وتصنع الإنسان الفرنسي الجديد، مسألة أمن بها بالفعل أبناء الهجرة. وقاموا بمجهودات كبيرة لتحقيقها. ولكن الدولة والمكونات الأخرى للهوية الفرنسية لم تكن في مستوى تضحيات المهاجرين وأبنائهم.

ولكن هذا الانتماء إلى الجمهورية الفرنسية والولاء لقيمها المثالية، التي ظلتْ وهما طيلة الزمن ـ إذ أن الدولة الفرنسية انتهكتها في مرحلة الاستعمارات الكبرى ولا تزال كلما زعمت أنها مهددة ـ لم يمنع، ولا يمكنه أن يمنع هؤلاء المتحدرين من أجداد وآباء عرب من تقاسم مشاعر الإحساس بالإهانة والهوان، كلما هُوجِمَ بلد عربي (كما كان شأن الشعب الفلسطيني). وهو موقف لا يتعارض مع قوانين الجمهورية الفرنسية إذْ ان اليهود الفرنسيين لا يخفون دعمهم لدولة إسرائيل علانية.

التضحيات الجليلة التي قام بها أبناء الجيل الثالث، لا تلقى الاعتراف والمكافأة الجديرة بها. لقد بحث وزير الداخلية ساركوزي عن حل لها فأخطأ. لقد تصور المسألة دينية فأخطأ. لقد ساهم في تشجيع المسلمين (بل فرض عليهم الأمر فرضا) لإيجاد تمثيل ديني لهم كي يكونوا «حاضرين على مائدة الجمهورية» كما قال. قام ساركوزي بالأمر لغرض انتخابي بحت، وهو غرض قصد منه مغازلة الناخب الإسلامي، وذهب به الأمر إلى حد المطالبة بتغيير قانون 1905 المنظم للعلاقات ما بين الدولة والأديان. ولكنه لم يكن يعرف بأن المساجد أو التمثيليات الدينية الإسلامية لا تعني هؤلاء الشباب الذين يريدون الشغل والاعتراف بهم كفرنسيين لا يخهاتف عن باقي الفرنسيين. وها هو يكتشف بأن الإسلام السياسي الفرنسي لا يمثل شيئا، وبأن الفتاوى التي يصدرها مسجد باريس لا تنفع في شيء.

منذ سنوات قليلة ماضية أصدر الروائي الفرنسي الكبير «رونو كامي» كتاب «بادية فرنسا». تحدث فيه عن الأسباب الداعية للتمرد والفوضى في فرنسا والتي عدد من بينها: سيطرة دوائر صهيونية كبرى بشكل كامل على الإعلام والصحافة في فرنسا بكل تلويناته (سياسي وثقافي وغيرهما).

تهميش سياسي قاتل

لم يجانب «كامي»، الذي تعرض لحملة أنزلتْهُ من أعلى عليين الأدب إلى الدرك الأسفل، الحقيقة. فالعربُ من أبناء الجيل الثالث، بعيدون عن الإعلام ولا يفعلون فيه، بل ويتعرضون لسهامه وسمومه. لا تتوقف وسائل الإعلام الفرنسية عن الحديث عن قوافل الانتحاريين الفرنسيين من أصول عربية على أبواب بغداد والفلوجة. أما عن الجانب السياسي وانخراط الجيل الثالث فيه، فما زالت النتيجة صفرا أو قريبة منه. فمنذ ثلاثين سنة لم يتولّ مقاعد الوزارات من العرب إلا عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة. والأدهى من كل هذا أن معظمهم يخفون جذورهم وينسون أبناء جلدتهم بمجرد تحمل المسؤوليات. في هذه الأوقات الصعبة تجرأ وزير فرنسي من أصول جزائرية، وهو عالم الاجتماع «عزوز بكاك» على انتقاد تصريحات زميله ساركوزي العنصرية المهينة للعرب والمسلمين، فما كان من هذا الأخير إلا أن اتهمه بأنه يشتغل ضد التضأمن الحكومي.

الحضور الرياضي الفذ

يبقى الحضور فقط موجودا في الشق الرياضي من خلال أبطال ونجوم، منهم زيدان اليزيد (زين الدين)، ولكن المنطق يرى بأنهم «إذا انتصروا وأحضروا ميداليات فهم فرنسيون، وإذا خسروا فهُمْ عرب، مجرد عرب».

إن مظاهر الحرائق المشتعلة في كل مكان من فرنسا تدل على «احتضار تاريخ فرنسي يعود إلى قرن كامل، واحتضار مغامرة موغلة في الحُلُم المثالي، وطموحة وذات خيلاء وكريمة، كانت تطمح إلى أن تجعل من كل المهاجرين القادمين من كل البلدان والمتحدرين من كل الشعوب، والذين صنعَتْهُم كل الديانات وكل الثقافات، مواطنين فرنسيين أصيلين».

كانت الجمهورية الفرنسية تريد أن تبرهن للعالم أجمع، كما يقول الصحافي «ألان ديهاميل» على أنها قادرة، بفضل علمانيتها ومَدْرَسَتها وماضيها وقِيَمِها الكونية، وبالطابع الإرادوي للدولة فيها، على قلبٍ وتغييرٍ جذري لكل أجنبيٍّ قادمٍ من أية قارة، وأيا كان ماضيه ولون بشرته ومعتقداته الدينية، إلى إنسان «غالي» ذي شارب، ووطني وكثير الصراخ. هذا ما كان يُشار إليه بتعبير الاستثناء الفرنسي.

هل يدل ما يقع اليوم، على إفلاس النموذج الفرنسي، في الإدماج والذي يختلف عن نظيره في دول أخرى كالولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وهولندا وكندا؟

لقد اختارت هذه الدول طريقا مختلفة لتعددية الثقافات والأقليات. هذه الدول تشجع المهاجرين على الحفاظ على ثقافاتهم ولغاتهم وذاكراتهم وعاداتهم وتقاليدهم الأصلية. وتمنحهم هامشا من استقلال ذاتي ومن تنظيم ذاتي. بل إن هذه الدول تسهل بقاء الاختلافات.

إن من يقوم بعمليات التكسير والحرق تتراوح أعمارهم ما بين 10 و25 سنة. والأغلبية الساحقة من بينهم ولدوا على التراب الفرنسي، ويحملون جنسية فرنسية، والأهداف التي يقومون بتكسيرها وإحراقها هي رموز للمجتمع: الشرطة، المدرسة، رياض الأطفال، مراكز الترفيه الجماعية، سيارات الجيران، حوانيت الحي. إنهم يظهرون جامّ غضبهم ضد مجتمع يرونه ظالماً وتمييزيا، يحسون بأنهم مرفوضون من المجتمع وهو ما يدفعهم هم أيضا لرفضه.

النموذج الفرنسي المنهك

الحصيلة النهائية لحالة هذا الغضب الذي لا يوجد له مخرج سياسي أو اجتماعي، يدل على إنهاك النموذج الفرنسي لسياسة الإدماج. إن سياسة التمييز التي يتعرض لها أبناء الهجرة (السكن، التعليم، العمل) تضاعفت بسبب الأزمة المجتمعية التي تتجذر منذ ثلاثين سنة. وردود الفعل العنيفة للمراهقين وللشباب الراشدين الذين يرفضون كل معيار اجتماعي ويعيشون في حالة جمود تزيد الأوضاع مأساوية. وحين تتوقف الكوكتيلات الحارقة، ستظل حالة من ريبة وحذر متزايد ما بين سكان «الأحياء» والآخرين. والنتيجة النهائية هي أن إعادة بناء سياسة الإدماج على الطريقة الفرنسية ستشبه، إلى الأبد، مصير «سيزيف».

كل الطبقة السياسية الفرنسية، من يمين ويسار، جربت وفشلت في استيعاب وتفهم جزء من شعبها. نتحدث عن هذا الجزء من الشعب الفرنسي، لأنهم لا يرون أنفسهم غير ذلك. «نحن فرنسيون ومخهاتف، وأين العيب والخلل في هذا؟»، هكذا يرددون على الفرنسيين العنصريين. فهم شبيبة لا تختلف عن الشبيبات الفرنسية الأخرى، إلا في نسبة البطالة التي تفوق 43 في المائة بين أوساطها. فرنسا دولة عظمى وغنية، والمطلب الوحيد والمركزي لهؤلاء الفرنسيين المتحدرين من آباء شيدوا ميترو الأنفاق في فرنسا وكنسوا شوارعها في صمت أسطوري، هو السماح لهم بمشاركة الفرنسيين الآخرين بناء الاتحاد الأوروبي وتقاسم الثروة. لا أقل ولا أكثر من مُواطَنَة حقيقية تستوعب كل الاختلافات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق