| ترجمة «حكايتي شرح يطول» لحنان الشيخ إلى الفرنسية: هل هي كتابات استشراقية في لبوس جديد؟ | |
2010-10-30
باريس - محمد المزديوي مُعضلة المثقف والكاتب العربي، غالباً، إلا من رحم الله، هي أنه يحس بالدونية حين يُترْجَم أو يُحاوَر، ما يعني أنه لا يتمتع بالثقة في النفس التي يمتاز بها زميله الأميركي اللاتيني، رغم أنهما لا يختلفان كثيراً من حيث انحدارهما معاً من دول متخلفة وقمعية واستبدادية. ولهذا فالكثير من الغربيين حين يقرؤون هذا النص المترجم، وكل الشروحات والتصريحات الصحافية المرافقة له، سيتصورون أن العرب إما قادمون من المريخ أو من أدغال غابات استوائية لم تصلها جيوش الغرب التمدينية. وهذا ما يمكن اكتشافه من القراءة التي أنجزتها أنييس رونيفيل في ملحق صحيفة «لاكروا» الثقافي الأسبوعي. لقد مرّ وقت طويل قبل أن تتطرق الكاتبة لوالدتها، رغم أن والدتها كانت دائمة التساؤل عن الأسباب التي تدفع ابنتها إلى الكتابة عن نساء أخريات وليس عنها، رغم أن حياة الأمّ هي في مثل أهمية بطلات العديد من نصوصها السردية إن لم تَبُزَّهَا، فقد تركت العش الزوجي وتخلت عن الكاتبة وأختها كي تعيش حياتها العشقية وحب حياتها الصاخب. وتكشف الكاتبة، وهنا توابل الإثارة الغربية، التي يمكن أن تُدرّ ذهباً، عن أجزاء من حياة والدتها: «لا ألومها، رغم أن والدي كان حزيناً، كان مسلماً ووَرِعاً جداً، وكانت هذه العلاقة بين والدتي وعشيقها قوية وعنيفة، لأن والدتي كانت عندها الجرأة في أن تفعل ما لم تستطع أن تفعله أي امرأة عربية، من هذا الوسط الديني والمحافظ جداً، حينئذٍ، وتركتني وأنا في سن الخامسة، وحاول الجميع إشعارها بعقدة الذنب». ولأن البنت سرّ أمها، فالكاتبة بدورها، أبانت عن «جرأة استثنائية، فسافرت رغم معارضة والدها إلى القاهرة للدراسة في سن 17، وفي سن 19 بدأت الكتابة بعد فشل قصة حب مع كاتب مصري كبير يكبرها كثيرا. وأخيراً، وهي الشيعية تتزوج مسيحياً لبنانياً، وتنجب منه بنتاً وولداً». وهي تقيم في لندن منذ أكثر من عشرين عاما، وتكتب باللغة العربية، وحين تنظر إلى الماضي فهو الحنين الحزين بالطبع، الحنين إلى زمن كانت فيه المرأة العربية، في نظرها، أكثر حرية من الآن «قاومنا كيف نذهب إلى السينما، وكي ننزع الحجاب، ولكن الضغط الديني، اليوم، أكثر قوةً». ولأن ثمة نوعاً من التماهي بين المؤلفة وبطلة روايتها أي والدتها، فهي ترى «خلال فترة طويلة كانت تربطنا علاقات مصطنعة، ولكني من خلال كتابتي لمحكي حياتها، اكتشفت الجرأة التي كانت تمتلكها، كانت أمّي نسوانية قبل حركة النساء في أوروبا، شيعية من جنوب لبنان». توابل كثيرة، من حجاب وخيانة زوجية وزواج إكراه وزواج بين ديانات مختلفة وانحسار حرية المرأة وغيرها، لا يمكن إلاّ أن تضمن للكتاب بعض النجاح. | |
الأربعاء، 17 أكتوبر 2012
حنان الشيخ أو الاستشراق معكوسا!
خليل النعيمي
خليل النعيمي: لنا خبرة كبيرة في سوريا مع الاستبداد ومقاومته
«لو وضعتم الشمس بين يدي» نشيد لإصرار الشعب وصبره
|
باريس: محمد المزديوي
لم ينتظر الكاتب والروائي والجراح السوري خليل النعيمي الربيع العربي ووصوله إلى أرض الشام حتى يشمر عن كتابته وانتقاداته. فهذا الكاتب المنفي، بطريقة أو بأخرى، في أرض الشتات، حيث يقيم في باريس منذ أكثر من ثلاثين سنة، جاب بلاد الله الواسعة من الصين إلى الهند إلى الأرجنتين إلى موريتانيا إلى اليمن، اكتشف الهوان الذي يعيشه الكائن العربي في كل الأصقاع، واكتشف الحاجة إلى الديمقراطية وإلى الكرامة الإنسانية والمواطنة الكاملة.
سألنا الكاتب عن سبب اندفاعته كطفل بريء وراء الثورة في سوريا، وهو المبدع الذي يعرف أن الكتابة لا يجب أن تكون استعجالية، فالأمثلة كثيرة عن بؤس مثل هذا الأدب، ولعل «أدب الحرب» في العراق، الذي كتب ونشر بإيعاز من الراحل صدام حسين، أثناء الحرب العراقية الإيرانية، كان بائسا ومتحذلقا وركيكا، فكان جوابه لاذعا: «أنت تعرف أنني لم أنتظر أحدا حتى أبدأ في انتقاد النظام وميكانيزمات الحكم، وقد كانت إرهاصات الثورة موجودة، ترى أحيانا بالعين المجردة. كما أن لسوريا ومثقفيها تاريخا طويلا في اكتشاف الاستبداد ومحاربته، ألم يكتب السوري عبد الرحمن الكواكبي كتابه الشهير: طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد».
وبالفعل تتميز كل كتابات النعيمي الروائية بإدانة الاستبداد وبالاحتفال بالحياة. كتب رواية «الشيء»، وكأنما كان يقول لنا بأن الإنسان العربي شيء وليس كيانا عاقلا وحرا. لعله كان ينقل لنا عصارة الفكر الغربي الجديد وهو يدين تشييء الإنسان من أجل سلب كرامته. كما كتب «تفريغ الكائن»، منذ فترة، ليصف ما يتعرض له الكائن العربي من سلب لشخصه وإنسانيته، ومن تفريغ له. وهو ما جعله يكتب مقالا، قبل أشهر، عن «تفريغ الرئيس». «ألا ترى معي أن النظام السوري نجح في تفريغ البلد من معظم طاقاته؟! ألا تعج المستشفيات الفرنسية بأطباء سوريين (والنعيمي طبيب جراح)، لو أنهم كانوا كراما في بلدهم لما هاجروا إلى فرنسا، ولما اشتغلوا فيها، وهي التي لم تنفق في تكوينهم وتدريسهم شيئا؟!».
أدى خليل النعيمي الخدمة العسكرية، ولم يكملها ومنحنا عن هذه التجربة عملا روائيا جميلا، وهو «مديح الهرب». والقارئ المتمعن يكتشف أن العنوان رؤيوي، فكأنما المؤلف استبق الأمور واكتشفها بقلبه، وكأنما كان ينصح رفاقه الجنود بالهرب من جيش لم يؤسس لتحرير الجولان المغتصبة وإنما لقمع الشعب وترويضه. «ربما من يقرأ العنوان، بصفة سطحية، يحس بنوع من الحرج، ولكن الظروف الحالية، التي تشتد فيها ماكينة القمع، كشفت أن أفضل طريقة لانهيار النظام القمعي هي هروب الجنود من بين صفوف الجيش الذي يعتبر عمود النظام الفقري».
لمحاربة الاستبداد ساحات عديدة، لأن الاستبداد يتمظهر في ساحات عديدة، ولهذا فالكاتب خليل النعيمي، دارس الفلسفة في جامعة السوربون، الذي يعرف جيدا، ملخص نظرية الالتزام بشقيها السارتري والماركسي، لم ينتظر، حتى يجتمع الشعب لمحاربة هذا الطغيان، فقد كتب رواية «دمشق 67»، لتوصيف الأسباب التي أدت إلى الهزيمة الكبرى وإلى غياب الدور المنوط بالجيش.
الكثيرون من الذين قرأوا أعمال خليل النعيمي ومن الذين حاوروه ألحوا على معرفة سبب عدم كتابته عن باريس وهو الذي يقيم فيها منذ فترة طويلة، بدأوا يدركون أن الكتابة فعل صعب وأنها لا تأتي حسب الطلب. وأنها، أي الكتابة، إنما هي اختمار وتجربة وقراءة، بالمعنى المتعدد لكلمة القراءة.
ولكأن الكاتب خليل النعيمي يزداد شراسة مع اشتداد شراسة القمع في بلده. وها هي روايته الجديدة «لو وضعتم الشمس بين يدي»، وهي رواية كتبت قبل بداية الثورة السورية، تأتي في لحظة فارقة من تاريخ سوريا، كاشفة عن رؤيوية المؤلف وإنصاته العميق لصرخات وحركات شعبه. لكأن عنوان الرواية الرؤيوي يتحول إلى نشيد لإصرار الشعب على المقاومة والصبر والجلد، حتى النهاية.
يحتفل خليل النعيمي، ببراءة، بانتصارات الثورات العربية، ويعتبرها محطات ضرورية قبل انتصار الثورة السورية. «صدقني، لقد بكيت، بحق، في ميدان التحرير بالقاهرة. كنت هناك مؤخرا. الثورة المصرية هي ثورتي وثورة كل العرب. ولكن الفرحة لن تكتمل إلا حين سأكون في ساحة الأمويين الدمشقية!».
لا يخفي الكاتب علمه بالمآسي والفظائع التي تطال أبناء شعبه، من تقتيل وترحيل وتهجير، وهي ضريبة الثورة، ولكنه، لا يظهر أدنى يأس من انتصار الثورة، ويترنم: «اشتدي أزمة تنفرجي.... قد آذن صبحك بالبلج!».
لم ينتظر الكاتب والروائي والجراح السوري خليل النعيمي الربيع العربي ووصوله إلى أرض الشام حتى يشمر عن كتابته وانتقاداته. فهذا الكاتب المنفي، بطريقة أو بأخرى، في أرض الشتات، حيث يقيم في باريس منذ أكثر من ثلاثين سنة، جاب بلاد الله الواسعة من الصين إلى الهند إلى الأرجنتين إلى موريتانيا إلى اليمن، اكتشف الهوان الذي يعيشه الكائن العربي في كل الأصقاع، واكتشف الحاجة إلى الديمقراطية وإلى الكرامة الإنسانية والمواطنة الكاملة.
سألنا الكاتب عن سبب اندفاعته كطفل بريء وراء الثورة في سوريا، وهو المبدع الذي يعرف أن الكتابة لا يجب أن تكون استعجالية، فالأمثلة كثيرة عن بؤس مثل هذا الأدب، ولعل «أدب الحرب» في العراق، الذي كتب ونشر بإيعاز من الراحل صدام حسين، أثناء الحرب العراقية الإيرانية، كان بائسا ومتحذلقا وركيكا، فكان جوابه لاذعا: «أنت تعرف أنني لم أنتظر أحدا حتى أبدأ في انتقاد النظام وميكانيزمات الحكم، وقد كانت إرهاصات الثورة موجودة، ترى أحيانا بالعين المجردة. كما أن لسوريا ومثقفيها تاريخا طويلا في اكتشاف الاستبداد ومحاربته، ألم يكتب السوري عبد الرحمن الكواكبي كتابه الشهير: طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد».
وبالفعل تتميز كل كتابات النعيمي الروائية بإدانة الاستبداد وبالاحتفال بالحياة. كتب رواية «الشيء»، وكأنما كان يقول لنا بأن الإنسان العربي شيء وليس كيانا عاقلا وحرا. لعله كان ينقل لنا عصارة الفكر الغربي الجديد وهو يدين تشييء الإنسان من أجل سلب كرامته. كما كتب «تفريغ الكائن»، منذ فترة، ليصف ما يتعرض له الكائن العربي من سلب لشخصه وإنسانيته، ومن تفريغ له. وهو ما جعله يكتب مقالا، قبل أشهر، عن «تفريغ الرئيس». «ألا ترى معي أن النظام السوري نجح في تفريغ البلد من معظم طاقاته؟! ألا تعج المستشفيات الفرنسية بأطباء سوريين (والنعيمي طبيب جراح)، لو أنهم كانوا كراما في بلدهم لما هاجروا إلى فرنسا، ولما اشتغلوا فيها، وهي التي لم تنفق في تكوينهم وتدريسهم شيئا؟!».
أدى خليل النعيمي الخدمة العسكرية، ولم يكملها ومنحنا عن هذه التجربة عملا روائيا جميلا، وهو «مديح الهرب». والقارئ المتمعن يكتشف أن العنوان رؤيوي، فكأنما المؤلف استبق الأمور واكتشفها بقلبه، وكأنما كان ينصح رفاقه الجنود بالهرب من جيش لم يؤسس لتحرير الجولان المغتصبة وإنما لقمع الشعب وترويضه. «ربما من يقرأ العنوان، بصفة سطحية، يحس بنوع من الحرج، ولكن الظروف الحالية، التي تشتد فيها ماكينة القمع، كشفت أن أفضل طريقة لانهيار النظام القمعي هي هروب الجنود من بين صفوف الجيش الذي يعتبر عمود النظام الفقري».
لمحاربة الاستبداد ساحات عديدة، لأن الاستبداد يتمظهر في ساحات عديدة، ولهذا فالكاتب خليل النعيمي، دارس الفلسفة في جامعة السوربون، الذي يعرف جيدا، ملخص نظرية الالتزام بشقيها السارتري والماركسي، لم ينتظر، حتى يجتمع الشعب لمحاربة هذا الطغيان، فقد كتب رواية «دمشق 67»، لتوصيف الأسباب التي أدت إلى الهزيمة الكبرى وإلى غياب الدور المنوط بالجيش.
الكثيرون من الذين قرأوا أعمال خليل النعيمي ومن الذين حاوروه ألحوا على معرفة سبب عدم كتابته عن باريس وهو الذي يقيم فيها منذ فترة طويلة، بدأوا يدركون أن الكتابة فعل صعب وأنها لا تأتي حسب الطلب. وأنها، أي الكتابة، إنما هي اختمار وتجربة وقراءة، بالمعنى المتعدد لكلمة القراءة.
ولكأن الكاتب خليل النعيمي يزداد شراسة مع اشتداد شراسة القمع في بلده. وها هي روايته الجديدة «لو وضعتم الشمس بين يدي»، وهي رواية كتبت قبل بداية الثورة السورية، تأتي في لحظة فارقة من تاريخ سوريا، كاشفة عن رؤيوية المؤلف وإنصاته العميق لصرخات وحركات شعبه. لكأن عنوان الرواية الرؤيوي يتحول إلى نشيد لإصرار الشعب على المقاومة والصبر والجلد، حتى النهاية.
يحتفل خليل النعيمي، ببراءة، بانتصارات الثورات العربية، ويعتبرها محطات ضرورية قبل انتصار الثورة السورية. «صدقني، لقد بكيت، بحق، في ميدان التحرير بالقاهرة. كنت هناك مؤخرا. الثورة المصرية هي ثورتي وثورة كل العرب. ولكن الفرحة لن تكتمل إلا حين سأكون في ساحة الأمويين الدمشقية!».
لا يخفي الكاتب علمه بالمآسي والفظائع التي تطال أبناء شعبه، من تقتيل وترحيل وتهجير، وهي ضريبة الثورة، ولكنه، لا يظهر أدنى يأس من انتصار الثورة، ويترنم: «اشتدي أزمة تنفرجي.... قد آذن صبحك بالبلج!».
Patrick Besson الكاتب الفرنسي خصّ الشاعرة السورية مرام المصري بمقال جميل
باتريك بيسون.. ناقد متفرد في رتابة الساحة الثقافية الفرنسية
يترقبه المكرسون بحذر وينتظره القرّاء بلهفة
باريس: محمد المزديوي
«حينما أقرأ الصحافة الأدبية ينتابني انطباع بأنّي كاهن كنيسة
وفيها كثير من البلهاء يأتون لأكل البطاطا المقلية»
(باتريك بيسون)
لا حاجة للبرهنة على أن ثمة فارقاً كبيراً ما بين النقد الأدبي الأكاديمي الفرنسي كما يُدرَّس في الجامعات ويُعبَّر عنه في مجلات أدبية ونخبوية مهمة وبين النقد الثقافي الفرنسي كما يجده القارئ في الملاحق الثقافية والأدبية للصحف الفرنسية والمجلات الأسبوعية. ولأن الكثير، (لحسن الحظ ليس الكل)، من كبار النقاد الفرنسيين لا يجدون صدى كبيرا لكتاباتهم في كتب النخبة، فقد قرروا تبسيط كتاباتهم ونشرها في الصحف، وهكذا دخلوا في مسلسل الرفع من قيمة كتاب إلى أعلى عليين او تحطيمه وإنزاله إلى القاع الذي لا يوجد بعده قاع. ولكن الذي يجمع بين كل هؤلاء النقاد وممارسي تقديم الكتب، هو انضواؤهم تحت لواء مجلات أو ملاحق تمتاز باحترامها الشديد لخط تحريري وأيديولوجي واضح. من هنا فملحق "لوفيغارو" يتميز برؤيته وتعريفه للأدب الجيد، من خلال انخراطه في قراءة يمينية للأدب. تشتكي مازارين بانجو، مثلاً، ابنة الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران من حقد لا يبرر من طرف ملحق "لوفيغارو" الثقافي. نفس الشيء ينطبق على ملحق صحيفة "لوموند" التي تختار من البداية من ستصوت له كي يفوز بالجوائز الأدبية، أو بجيوب القراء، وأيضا نفس الشيء يمكن تلمسه مع مجلة "ليزانروكيبتيبل" وغيرها.
كل شيء يبدو نمطيا في هذا الجو الثقافي الفرنسي. كل شيء يبدو نمطيا لولا بعض كتاب لا نمطيين يأتون ليكسروا الصورة الرتيبة. ومن بينهم أنجيلو رينالدي، الكاتب الروائي والناقد الذي كان معظم الروائيين يخشون مقالاته في "لوفيغارو" و"ليكسبريس"، ولكنه يبدو أنه وصل إلى مرحلة من الحكمة، إذْ أنتخب في الأكاديمية الفرنسية، فلم نعد نقرأ مقالاته اللاهبة.
الكاتب الذي يفرض نفسه بقوة، في هذا المشهد المتواطئ، هو باتريك بيسون Patrick Besson.
والذي يساعدنا، دفعة واحدة، على تصويره ككاتب مختلف عن القطيع، كونه يكتب في مجلات وصحف مختلفة المشارب الأدبية والسياسية والأيديولوجية، من مجلة "لوبوان" إلى صحيفة "لومانتيه"، ثم مجلة "ماريان"، وقبل هذا مع صحيفة "ليديو أنترناسيونال"(الأبله الدولي) التي كان يديرها الروائي والسجالي الفرنسي الراحل جون إيدرن هالييه.
إن عدم انضمام باتريك بيسون لطاقم مجلة أو صحيفة واحدة، يمنحنا دليلا آخر على أنه لا يعطي أهمية لأي انتماء لا للقطيع أو النخبة أو الحزب.
ولد باتريك بيسون في باريس في الأول من يونيو (حزيران) سنة 1956 من أب روسي وأمّ كرواتية. ولكن هذا الامتزاج لم يؤثر كثيرا في شخصيته. فهو في حرب البلقان (وهذا دليل آخر على لا نمطيته) اتخذ موقفا لم يشاطره فيه إلا القليل، من بينهم ريجيس دوبريه بالطبع. وهو دعم لا مشروط لموقف الصرب من الحرب، على خلاف معظم الكتاب الفرنسيين، خصوصا المتصهينين منهم وعلى رأسهم برنار هنري ليفي وفينكلكروت وغوبيل وغيرهم، الذين ساندوا الكرواتيين والمسلمين.
وقد أبان بيسون عن نبوغ مبكر. نشر أول قصة قصيرة له في سن الرابعة عشرة من عمره، ثم كتب أول رواية له في ثلاثة أيام وثلاث ليال: "آلام الحب الصغرى". نشر أول كتاب له في سن السابعة عشرة، وفاز بالجائزة الكبرى للأكاديمية الفرنسية في سنّ العشرين، وحصل على جائزة "رونودو" في سن الثلاثين. ويعتبر الآن، ومنذ سنة 2000، واحدا من أعضاء تحكيمها.
رواياته تثير دائما الكثير من الجدل وتسيل الكثير من الحبر. ومن النادر العثور في الأوسط الثقافية على من يكرهه أو يحبه باعتدال، على حد تعبير الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب: لا أريد الحب إلا عنيفا". روايته في هذا الدخول الأدبي 2007 حملت عنوان: Belle-sœur وصدرت عن دار "فايار". ولاقت الكثير من التقريظ، وإن كانت لن تفوز بالغونكور، حتما، لأسباب غير أدبية.
بالإضافة إلى مقالاته وكتبه، تظل قراءاته ومقالاته النقدية هي مما يثير الإزعاج والألم للكثير من المؤلفين. وهو يذهب بعيدا في رفض المحاباة أو الصفقات الثقافية، إلى درجة تجعله يغرد باستمرار خارج السرب وخارج الذائقة الأدبية السائدة.
سنأخذ مثالين للدلالة على ما نقوله: في المقال النقدي الأخير في العدد الأخير من مجلة ماريان (22 سبتمبر 2007) والمخصص لجديد الروائية الفرنسية ماري داريوسيك، نقرأ في العنوان: "المسار الجنائزي لماري داريوسيك". وهو عبارة عن استعراض لكلمة الموت في الرواية: "موت توم" ص10 "توم مات" ص11، و"ضريح توم" ص19. وهو استعراض يثقل كاهل القارئ من الصفحة الأولى إلى الصفحة الأخيرة : "هكذا الأمر إلى أن نصل إلى الصفحة 247 حيث ينتهي دفن القارئ." يريد بيسون أن يشعرنا كقراء على أنه ليس فقط "توم" من مات، بل حتى القارئ أيضا.
عينه النقدية الجارحة لا تخص فقط عالم الكتب، بل تتعداه إلى السينما والمسرح والغناء والميديا بما فيها البرامج التي تتطرق بطريقة أو بأخرى للأدب والكتب. ودخل في مشاحنات عنيفة ضد العديد من النقاد والكتاب الفرنسيين ومن بينهم ميشيل بولاك ورومان غوبيل وديديي داينيكس وغيرهم.
ومن بين أهمّ مقالاته (وهو المثال الثاني)، التي لم يَخَفْ فيها لومة لائم، هي التي خصّ بها برنامج tout le monde en parle، لتيري أرديسون، عندما كان ضيفه الكبير هو الفكاهي الصهيوني إيلي سيمون Elie Semoun. والمقالة حملت عنوان: "كلمة إيلي سيمون الأخيرة"، الذي يصفه الكاتب بكونه: "يستطيع أن يكون مضحكا حين يشاء، وغبيا حين يفكّر."
في ذلك البرنامج الثقافي الترفيهي، كان أرديسون يستقبل أيضاً الكاتب الفرنسي الكبير رونو كامي Renaud Camus. كاتب لا يراه الناس، كثيرا، في التلفزيون. وكانت الفترة هي فترة "قضية كامي" التي ابتدأت حينما كتب كامي في مذكراته الحميمية "بادية فرنسا" أنه يتواجد كثيرٌ من اليهود في برنامج "بانوراما" الذي يقدمه راديو "فرانس كولتور". يعلق بيسون على الأمر بالقول: "لا يوجد كثير من اليهود في "بانوراما" فرانس كولتور، بل يوجد كثير من الأغبياء. ثلاث جمل في كتاب يتضمن الآلاف منها، كان الأمر كافيا كي يَغْضَبَ المجتمع الأدبي الطيب. المثقفون يعشقون الاستنكار. يعتقدون أن الاستنكار سيمنحهم الشرف، خصوصا حينما يتعلق الأمر بإغراق زميل لهم. صحيح أن عددهم كبيرٌ جدا، عددهم يفوق الحد. يتوجب التصفية. وبالمناسبة يتوجب تصفية رونو كامي."
كان إيلي سيمون، ينضح غضبا وحقدا، وهو يرى كامي بجانبه في البرنامج . كان يتصور أنه "بجوار حيوان نجس". فيسأل، وهو يتقنفذ حقدا بابتسامة فيها تكلّف الكاتبَ إن لم يكن يرى أنه يتواجد كثيرٌ من المثليين الجنسيين في مجال الاستعراضات الفنية. يسأل إيلي سيمون عن هذا لأنه يعرف أن الكاتب كامي مثلي جنسي. يعلّق باتريك بيسون على الأمر: "أنا لم أجد ما الذي يمكن أن يربط ما بين اليهودي والمثليّ". ولكن رونو كامي عرف كيف يخرج من المصيدة، حين قال: "لو أني اكتشفتُ أن ثمة برنامجا في راديو فرانس كولتور، كل المتدخّلين فيه من المثليين. وإذا كان هؤلاء لا يتحدثون سوى عن مواضيع مثلية، فسوف أحتجّ." يرسم بيسون صورة عن خروج كامي من البرنامج: "تحت وقع تصفيقات هزيلة ومتضايقة. أحببتُ ظهره الثقيل والأزرق المعبّر عن محارب منذهل من حرية التعبير." عين الصقر بيسون، تتابع من دون توقف تتَابُع المَشَاهد على الشاشة: "تأتي الممثلة أنّا موغلاليس التي تسوّق منتجات شانيل للعطور. يخاطب أرديسون، مُعدّ البرنامج، ضيفه الفكاهي سيمون: ها أنت ترى، كنت وعدتك بحضور فتيات جميلات هنا يردّ سيمون: "نعم، ولكنّ (المرأة) الصلعاء ذات الشارب، لم أحبّها كثيرا." ينهي باتريك بيسون مقاله: "هكذا كانت كلمة إيلي سيمون الأخيرة: نكتة عنصرية." انتقادات باتريك بيسون طالت الكثيرين، ومن بينهم فيليب سوليرز بالطبع، ومن يسير في دائرته خصوصا طاقم ملحق الكتب لصحيفة "لوموند".
في كل أسبوع يترقب كاتب ما، خصوصا المُكرَّسين، سرير التشريح، سرير باتريك بيسون، بقلق وحذر، في حين أن القارئ ينتظره بألف تلهف. هو لوحده ظاهرة في الوسط الثقافي الفرنسي. وهو ما يدفعنا أن نزعم بالفعل، إذا ما استعرنا جملة من المأثور الإسلامي، إنه يمكن اعتباره "أُمّة وحده". في فرنسا، بالطبع.
«حينما أقرأ الصحافة الأدبية ينتابني انطباع بأنّي كاهن كنيسة
وفيها كثير من البلهاء يأتون لأكل البطاطا المقلية»
(باتريك بيسون)
لا حاجة للبرهنة على أن ثمة فارقاً كبيراً ما بين النقد الأدبي الأكاديمي الفرنسي كما يُدرَّس في الجامعات ويُعبَّر عنه في مجلات أدبية ونخبوية مهمة وبين النقد الثقافي الفرنسي كما يجده القارئ في الملاحق الثقافية والأدبية للصحف الفرنسية والمجلات الأسبوعية. ولأن الكثير، (لحسن الحظ ليس الكل)، من كبار النقاد الفرنسيين لا يجدون صدى كبيرا لكتاباتهم في كتب النخبة، فقد قرروا تبسيط كتاباتهم ونشرها في الصحف، وهكذا دخلوا في مسلسل الرفع من قيمة كتاب إلى أعلى عليين او تحطيمه وإنزاله إلى القاع الذي لا يوجد بعده قاع. ولكن الذي يجمع بين كل هؤلاء النقاد وممارسي تقديم الكتب، هو انضواؤهم تحت لواء مجلات أو ملاحق تمتاز باحترامها الشديد لخط تحريري وأيديولوجي واضح. من هنا فملحق "لوفيغارو" يتميز برؤيته وتعريفه للأدب الجيد، من خلال انخراطه في قراءة يمينية للأدب. تشتكي مازارين بانجو، مثلاً، ابنة الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران من حقد لا يبرر من طرف ملحق "لوفيغارو" الثقافي. نفس الشيء ينطبق على ملحق صحيفة "لوموند" التي تختار من البداية من ستصوت له كي يفوز بالجوائز الأدبية، أو بجيوب القراء، وأيضا نفس الشيء يمكن تلمسه مع مجلة "ليزانروكيبتيبل" وغيرها.
كل شيء يبدو نمطيا في هذا الجو الثقافي الفرنسي. كل شيء يبدو نمطيا لولا بعض كتاب لا نمطيين يأتون ليكسروا الصورة الرتيبة. ومن بينهم أنجيلو رينالدي، الكاتب الروائي والناقد الذي كان معظم الروائيين يخشون مقالاته في "لوفيغارو" و"ليكسبريس"، ولكنه يبدو أنه وصل إلى مرحلة من الحكمة، إذْ أنتخب في الأكاديمية الفرنسية، فلم نعد نقرأ مقالاته اللاهبة.
الكاتب الذي يفرض نفسه بقوة، في هذا المشهد المتواطئ، هو باتريك بيسون Patrick Besson.
والذي يساعدنا، دفعة واحدة، على تصويره ككاتب مختلف عن القطيع، كونه يكتب في مجلات وصحف مختلفة المشارب الأدبية والسياسية والأيديولوجية، من مجلة "لوبوان" إلى صحيفة "لومانتيه"، ثم مجلة "ماريان"، وقبل هذا مع صحيفة "ليديو أنترناسيونال"(الأبله الدولي) التي كان يديرها الروائي والسجالي الفرنسي الراحل جون إيدرن هالييه.
إن عدم انضمام باتريك بيسون لطاقم مجلة أو صحيفة واحدة، يمنحنا دليلا آخر على أنه لا يعطي أهمية لأي انتماء لا للقطيع أو النخبة أو الحزب.
ولد باتريك بيسون في باريس في الأول من يونيو (حزيران) سنة 1956 من أب روسي وأمّ كرواتية. ولكن هذا الامتزاج لم يؤثر كثيرا في شخصيته. فهو في حرب البلقان (وهذا دليل آخر على لا نمطيته) اتخذ موقفا لم يشاطره فيه إلا القليل، من بينهم ريجيس دوبريه بالطبع. وهو دعم لا مشروط لموقف الصرب من الحرب، على خلاف معظم الكتاب الفرنسيين، خصوصا المتصهينين منهم وعلى رأسهم برنار هنري ليفي وفينكلكروت وغوبيل وغيرهم، الذين ساندوا الكرواتيين والمسلمين.
وقد أبان بيسون عن نبوغ مبكر. نشر أول قصة قصيرة له في سن الرابعة عشرة من عمره، ثم كتب أول رواية له في ثلاثة أيام وثلاث ليال: "آلام الحب الصغرى". نشر أول كتاب له في سن السابعة عشرة، وفاز بالجائزة الكبرى للأكاديمية الفرنسية في سنّ العشرين، وحصل على جائزة "رونودو" في سن الثلاثين. ويعتبر الآن، ومنذ سنة 2000، واحدا من أعضاء تحكيمها.
رواياته تثير دائما الكثير من الجدل وتسيل الكثير من الحبر. ومن النادر العثور في الأوسط الثقافية على من يكرهه أو يحبه باعتدال، على حد تعبير الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب: لا أريد الحب إلا عنيفا". روايته في هذا الدخول الأدبي 2007 حملت عنوان: Belle-sœur وصدرت عن دار "فايار". ولاقت الكثير من التقريظ، وإن كانت لن تفوز بالغونكور، حتما، لأسباب غير أدبية.
بالإضافة إلى مقالاته وكتبه، تظل قراءاته ومقالاته النقدية هي مما يثير الإزعاج والألم للكثير من المؤلفين. وهو يذهب بعيدا في رفض المحاباة أو الصفقات الثقافية، إلى درجة تجعله يغرد باستمرار خارج السرب وخارج الذائقة الأدبية السائدة.
سنأخذ مثالين للدلالة على ما نقوله: في المقال النقدي الأخير في العدد الأخير من مجلة ماريان (22 سبتمبر 2007) والمخصص لجديد الروائية الفرنسية ماري داريوسيك، نقرأ في العنوان: "المسار الجنائزي لماري داريوسيك". وهو عبارة عن استعراض لكلمة الموت في الرواية: "موت توم" ص10 "توم مات" ص11، و"ضريح توم" ص19. وهو استعراض يثقل كاهل القارئ من الصفحة الأولى إلى الصفحة الأخيرة : "هكذا الأمر إلى أن نصل إلى الصفحة 247 حيث ينتهي دفن القارئ." يريد بيسون أن يشعرنا كقراء على أنه ليس فقط "توم" من مات، بل حتى القارئ أيضا.
عينه النقدية الجارحة لا تخص فقط عالم الكتب، بل تتعداه إلى السينما والمسرح والغناء والميديا بما فيها البرامج التي تتطرق بطريقة أو بأخرى للأدب والكتب. ودخل في مشاحنات عنيفة ضد العديد من النقاد والكتاب الفرنسيين ومن بينهم ميشيل بولاك ورومان غوبيل وديديي داينيكس وغيرهم.
ومن بين أهمّ مقالاته (وهو المثال الثاني)، التي لم يَخَفْ فيها لومة لائم، هي التي خصّ بها برنامج tout le monde en parle، لتيري أرديسون، عندما كان ضيفه الكبير هو الفكاهي الصهيوني إيلي سيمون Elie Semoun. والمقالة حملت عنوان: "كلمة إيلي سيمون الأخيرة"، الذي يصفه الكاتب بكونه: "يستطيع أن يكون مضحكا حين يشاء، وغبيا حين يفكّر."
في ذلك البرنامج الثقافي الترفيهي، كان أرديسون يستقبل أيضاً الكاتب الفرنسي الكبير رونو كامي Renaud Camus. كاتب لا يراه الناس، كثيرا، في التلفزيون. وكانت الفترة هي فترة "قضية كامي" التي ابتدأت حينما كتب كامي في مذكراته الحميمية "بادية فرنسا" أنه يتواجد كثيرٌ من اليهود في برنامج "بانوراما" الذي يقدمه راديو "فرانس كولتور". يعلق بيسون على الأمر بالقول: "لا يوجد كثير من اليهود في "بانوراما" فرانس كولتور، بل يوجد كثير من الأغبياء. ثلاث جمل في كتاب يتضمن الآلاف منها، كان الأمر كافيا كي يَغْضَبَ المجتمع الأدبي الطيب. المثقفون يعشقون الاستنكار. يعتقدون أن الاستنكار سيمنحهم الشرف، خصوصا حينما يتعلق الأمر بإغراق زميل لهم. صحيح أن عددهم كبيرٌ جدا، عددهم يفوق الحد. يتوجب التصفية. وبالمناسبة يتوجب تصفية رونو كامي."
كان إيلي سيمون، ينضح غضبا وحقدا، وهو يرى كامي بجانبه في البرنامج . كان يتصور أنه "بجوار حيوان نجس". فيسأل، وهو يتقنفذ حقدا بابتسامة فيها تكلّف الكاتبَ إن لم يكن يرى أنه يتواجد كثيرٌ من المثليين الجنسيين في مجال الاستعراضات الفنية. يسأل إيلي سيمون عن هذا لأنه يعرف أن الكاتب كامي مثلي جنسي. يعلّق باتريك بيسون على الأمر: "أنا لم أجد ما الذي يمكن أن يربط ما بين اليهودي والمثليّ". ولكن رونو كامي عرف كيف يخرج من المصيدة، حين قال: "لو أني اكتشفتُ أن ثمة برنامجا في راديو فرانس كولتور، كل المتدخّلين فيه من المثليين. وإذا كان هؤلاء لا يتحدثون سوى عن مواضيع مثلية، فسوف أحتجّ." يرسم بيسون صورة عن خروج كامي من البرنامج: "تحت وقع تصفيقات هزيلة ومتضايقة. أحببتُ ظهره الثقيل والأزرق المعبّر عن محارب منذهل من حرية التعبير." عين الصقر بيسون، تتابع من دون توقف تتَابُع المَشَاهد على الشاشة: "تأتي الممثلة أنّا موغلاليس التي تسوّق منتجات شانيل للعطور. يخاطب أرديسون، مُعدّ البرنامج، ضيفه الفكاهي سيمون: ها أنت ترى، كنت وعدتك بحضور فتيات جميلات هنا يردّ سيمون: "نعم، ولكنّ (المرأة) الصلعاء ذات الشارب، لم أحبّها كثيرا." ينهي باتريك بيسون مقاله: "هكذا كانت كلمة إيلي سيمون الأخيرة: نكتة عنصرية." انتقادات باتريك بيسون طالت الكثيرين، ومن بينهم فيليب سوليرز بالطبع، ومن يسير في دائرته خصوصا طاقم ملحق الكتب لصحيفة "لوموند".
في كل أسبوع يترقب كاتب ما، خصوصا المُكرَّسين، سرير التشريح، سرير باتريك بيسون، بقلق وحذر، في حين أن القارئ ينتظره بألف تلهف. هو لوحده ظاهرة في الوسط الثقافي الفرنسي. وهو ما يدفعنا أن نزعم بالفعل، إذا ما استعرنا جملة من المأثور الإسلامي، إنه يمكن اعتباره "أُمّة وحده". في فرنسا، بالطبع.
الثلاثاء، 16 أكتوبر 2012
عبد الوهاب المؤدب VS طارق رمضان
| في برنامج تلفزيوني فرنسي | |
| طارق رمضان وعبدالوهاب المؤدب يتواجهان ثقافياً | |
2008-02-02
باريس - أبوالقاسم الشريف يعتبر برنامج «Ce soir ou jamais» الذي يشرف عليه الصحافي الشاب فرديريك تاديي في القناة الفرنسية الثالثة من أهم البرامج الثقافية والفكرية في فرنسا، وهو يمتلك حرية كبيرة في دعوة معظم الكتاب والمثقفين الذين لا يمكنهم، لسبب أو لآخر، زيارة القنوات الأخرى التي يسيطر عليها أنصار الفكر الواحد، والفكر الصهيوني.. لقد أتاح هذا البرنامج الذي يبثّ كل يوم (من الإثنين إلى الخميس) في الساعة الحادية عشرة والنصف ليلا، للجمهور، رغم الساعة المتأخرة للبرنامج، رؤية ومشاهدة برامج مختلفة ليست نمطية، ما قاده لاستلال إعجاب الكثير من الكتاب الذين تصورنا أنهم ماتوا أو توقفوا عن الكتابة والنشر، ومنذ ظهور البرنامج بدؤوا يرتادونه ومن بينهم مارك إدوارد ناب صاحب( كتاب: 11 سبتمبر، بارقة أمل) كما أننا نرى، وبكثير من الفرح، من حين لآخر، ممثلين وناطقين باسم «أندجين الجمهورية» (التي تعتبر حاليا من الجمعيات القليلة التي تلعب دور المعارضة للاكتساح الساركوزي لكل الآفاق ولكل مناحي الحياة في فرنسا). نهاية الأسبوع المنصرم، كان للجمهور أن يستمتع بحوار عاصف، لا يخلو من فائدة، بين مفكرّين أو مثقفين من أصول عربية إسلامية، الفرنسي التونسي عبدالوهاب المؤدب والمصري السويسري طارق رمضان. ورغم أن الجوّ السجالي كان له دور تخريبي في الأمر، إذ إن الكثير من المسائل لم تُثَر كما يجب، خصوصا التي تتعلق بدور الإسلام في أوروبا، والعلاقة ما بين الإسلام والمرأة، وكذا الاجتهاد، والديمقراطية، فإن المتعة كانت حاضرة، وبقوة. ولكن من شاهد البرنامج -متوفر على موقع القناة الثالثة الإلكتروني- يمكنه أن يرى بوضوح الحالة الصعبة التي كان عليها المفكر عبدالوهاب المؤدب، إذْ أتى وفي جعبته الكثير من الاتهامات والشتائم والكثير جدا من التحامل على زميله طارق رمضان الذي ظل هادئا ولبقا في أجوبته. احتكر المؤدب الكلام، وقاطع زميله طارق رمضان كثيرا من المرات، وكأنه تصور أن من يتكلم أكثر هو من يفوز بالضربة القاضية، كما هو الحال في صراع انتخابي أو في الملاكمة. جاء المؤدب للدفاع عن كتابه الجديد «الخروج من اللعنة»، الذي تحدثت عنه صحيفة «العرب» في الأيام القليلة الماضية، كما أنه جاء للدفاع عن أطروحاته السابقة التي تضمّنها كتابه «مرض الإسلام»، ولكنه لم يكن مُوفَّقا على الإطلاق، بدا متهيِّجا، وهو يُعيّر طارق رمضان بجده (من أمه، بالطبع) مؤسس الإخوان المسلمين، ويقول إن حسن البنّا هو من بدأ المرض، أو من تسبب فيه. وإن البنّا كتب رسائل تافهة (في حين أنه عجز عن ذكْر اسم اثنين من هذه الرسائل) وإنه كان ضد المرأة.. كان رد طارق رمضان بأنه يتوجب وضع كل شخصية في إطار تاريخها وبيئتها، وأكّد أن كل بنات البنّا متخرجات جامعيات مرموقات، وأنه توجد الكثير من نساء العائلة ممن لا يحملن حجابا أو برقعا. ناقش طارق ما ورد من مغالطات وسوء فهم للمفاهيم في كتاب المؤدب، وخصوصا مطالبته بإزالة الجهاد والشريعة من الدساتير الإسلامية، إذ قال رمضان إن المؤدب، الأديب، لا يعرف الفقه لأن «الشريعة» لا تعني، حرفيا، ما قصده المؤدب وإن «الجهاد» لا يعني ما يقصد المؤدب، وإنه كان عليه أن يستعمل مكانه «القتال»، مثلا، لأن الجهاد نبيل والنبي أوصانا بالجهاد الأكبر، الذي لا يعني الحرب على الإطلاق... وذهب طارق رمضان في شرحه لواجب التمييز، في الحرب، ما بين الدفاع عن النفس وبين الهجوم، وأكّد على أن الدفاع عن النفس واجب، وتضمنه كل القوانين الدولية. لكن المؤدب كان له رأي آخر، يذهب إلى حدّ التحقير من استعمال مناضلي الجزائر لمصطلح «الجهاد» و «المجاهدين» في حربهم التحريرية، بدعوى أن هذين المصطلحين هما اللذان تسبّبا في الحرب الأهلية التي عرفتها الجزائر (وهو رأي مماثل لبوعلام صلصال، كما ورد في صحيفة «العرب»). كان المؤدب متهيجا، مما جعله يسقط في مغالطات وأخطاء يمكن أن تشوّه من مكانته الثقافية، منها أنه كان مع الأميركان في 11 سبتمبر 2001 وأنه كان منسجما ومتوافقا مع فكرة بوش الفاشية: «إما أن تكونوا معنا أو ضدنا» (على عكس طارق رمضان الذي قال إنه يمكن للمرء أن يكون ضد القاعدة وضد بوش، معا). والغريب أن المؤدب المقيم في بلد الديمقراطية، يقول إنه يمكن له أن يؤيد دولا إسلامية وعربية غير ديمقراطية بشرط أن تكون علمانية (تونس وتركيا)! كما خلط ذات المتحدث بين الإمام مالك بن أنس وبين تلميذه الشاطبي، وبين الله والحق، إذ قال صارخا، بنشوة ما، «أنا الله» كما قال الحلاج، فقال طارق رمضان بهدوء «الجملة مغلوطة لأن الحلاج قال (أنا الحق)، والحق رغم أنها من أسماء الله الحسنى لا تعني الله». لم يستطع طارق رمضان أن يشرح كثيرا أفكاره لأن المؤدب كان يقاطعه ويقذفه بأسئلة مستفزة، وهي نفس الطريقة التي سبق لساركوزي، حينما كان وزيرا للداخلية، أن استخدمها ضد طارق، وكانت تلعب على وتر الانفعال والاهتياج، كما استعان المؤدب بأمثلة ماكرة للإيقاع بطارق رمضان، وربما كانت نية المؤدب من البداية هي الإيقاع بصاحبه ودفعه للانفعال والخطأ أو الغضب، وهو ما فشل فيه فشلا ذريعا. لنعترف بأن الصحافيّ فريديريك تاديي ترك الحرية الكاملة للمفكرين (وهو أمر نادر في البرامج الأخرى)، ولكن ارتباك المؤدب حرمنا من متعة مقارعة الحجة بالحجة.. ذلك التقليد الفقهي والاجتهادي الإسلامي الرفيع. | |
Pascal QUIGNARD en arabe
صدور الترجمة العربية لرواية باسكال كينيارد "فيلا أماليا" من إنجاز المغربي محمد المزديوي
و م ع
الاثنين 4 يونيو 2012
الرباط - صدرت عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت الترجمة العربية لرواية الكاتب الفرنسي باسكال كينيارد "فيلا أماليا"٬ من إنجاز الكاتب المغربي محمد المزديوي.
ويتيح هذا الكتاب المترجم الذي صدر ضمن سلسلة "إبداعات عالمية"٬ بمراجعة ليلى عثمان فضل٬ لقراء العربية التعرف على عوالم أحد كبار كتاب فرنسا٬ الحائز على جائزة غونكور عام 2002.
وينضاف هذا الإصدار إلى قائمة منوعة من مترجمات الكاتب المغربي محمد المزديوي٬ المقيم في فرنسا٬ حيث ترجم العشرات من الكتب والروايات الفرنسية من بينها "الأمير الصغير" لسانت إيكزوبيري و"مقهى الشباب الضائع" لباتريك موديانو و"احتمال جزيرة" لميشيل ويلبيك. كما ترجم "نجوم سديي مومن" لماحي بينبين و"المتمردة" لمليكة مقدم.
وتتناول الرواية التي صدرت عن دار "غاليمار" عام 2006٬ قصة سيدة موسيقية٬ آن هيدن٬ تقطن في الضاحية الباريسية ٬ وعندما تكتشف خيانة رفيقها تقرر التخلي عن كل شيء أنجزته في حياتها٬ من أجل البحث عن حياة جديدة ترتكز على عشقها للموسيقى٬ "الصديق الوفي الذي لا يخون"٬ فتسافر إلى جنوب إيطاليا حيث "فيلا أماليا".
ترسم الرواية التي أعادت باسكال كينيارد إلى فن السرد بعد توقف٬ الحياة المعاصرة من خلال تشضيها٬ ومن خلال المشاكل التي تحدث بين الأزواج وفي العلاقات السريعة التي تسم العصر٬ وتشكل طبيعته الغالبة.
وينضاف هذا الإصدار إلى قائمة منوعة من مترجمات الكاتب المغربي محمد المزديوي٬ المقيم في فرنسا٬ حيث ترجم العشرات من الكتب والروايات الفرنسية من بينها "الأمير الصغير" لسانت إيكزوبيري و"مقهى الشباب الضائع" لباتريك موديانو و"احتمال جزيرة" لميشيل ويلبيك. كما ترجم "نجوم سديي مومن" لماحي بينبين و"المتمردة" لمليكة مقدم.
وتتناول الرواية التي صدرت عن دار "غاليمار" عام 2006٬ قصة سيدة موسيقية٬ آن هيدن٬ تقطن في الضاحية الباريسية ٬ وعندما تكتشف خيانة رفيقها تقرر التخلي عن كل شيء أنجزته في حياتها٬ من أجل البحث عن حياة جديدة ترتكز على عشقها للموسيقى٬ "الصديق الوفي الذي لا يخون"٬ فتسافر إلى جنوب إيطاليا حيث "فيلا أماليا".
ترسم الرواية التي أعادت باسكال كينيارد إلى فن السرد بعد توقف٬ الحياة المعاصرة من خلال تشضيها٬ ومن خلال المشاكل التي تحدث بين الأزواج وفي العلاقات السريعة التي تسم العصر٬ وتشكل طبيعته الغالبة.
Stéphane Hessel ستيفان هيسيل
صاحب كتيب «عبروا عن سخطكم» يقترب من مئويته ويبيع مليوني نسخة
ستيفان هيسيل لـ«الشرق الأوسط»: رفض توني بلير الالتقاء بقادة حماس غباء سياسي
باريس: محمد المزديوي
من كان يتصور أن كتابا صغيرا يمكنه أن يصنع الحدث ويثير غيرة كبار المفكرين والمتخصصين في إعطاء الدروس الأخلاقية والسياسية (الذين يشكون من ضعف مبيعات مؤلفاتهم!)؟ وبالفعل استطاع كتيّب أو دفتر عنوانه «عبّروا عن سخطكم» لستيفان هيسيل، والصادر عن دار نشر صغيرة «أندجين» أن يتجاوز رقم المليونين في 15 ترجمة، كما ذكر لصحيفة «الشرق الأوسط». ويبدو أن الدهشة أصابت حتى مؤلفه، فقد قال هيسيل بأنه تفاجأ من رواج الكتاب «تصورت أنه يمكن بيع بضعة آلاف، فقط»، كما قال لنا. ولعلّ من الضروري التذكير بأن المؤلف، هو في سن الثالث والتسعين (ولد سنة 1917)، ولا يتوقف عن السفر وإلقاء محاضرات ومناقشة كل الأجيال عن الراهن الفرنسي، وما فيه من عنصرية، تجاه المهاجرين والغجر ورغبة في الانطواء، وعن الراهن الدولي، أي العولمة والليبرالية المتوحشة وديكتاتورية الأسواق المالية، ومختلف مظاهر الظلم، وخاصة الظلم التاريخي الذي يطال الشعب الفلسطيني. وهنا أيضا نذكر بأنه من أصل يهودي، وعاش في معسكرات الاعتقال النازية، وكاد أن يعدم لولا أنه استبدل باسمه، قبيل المناداة عليه، اسم أحد الذين تعرضوا للإعدام، ونجح في الفرار مرات عديدة من جحيم هتلر. وأصبح موظفا أمميا ساميا ساهم في إعداد «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان» سنة 1948. ومن حينها أصبح سفيرا دائما.
14 صفحة يتضمنها الكتيّب (إضافة إلى تصدير من الناشرة)، وهو مقسم إلى العناوين التالية: 1 - الدافع إلى المقاومة هو الاحتجاج، 2 - رؤيتان للتاريخ «كان الانخراط في المقاومة، بالنسبة لنا بسيطا، نسبيا. المقاومة تقتضي رفض الاحتلال الألماني والهزيمة. وكان بسيطا ما جاء بعدها من تفكيك للاستعمار. ثم حرب الجزائر، كان يجب منح الاستقلال للجزائر. الأمر بدهي». (ص. 12)، والرؤية الثانية سوداوية، ومن بين القائلين بها المفكر الألماني، صديق العائلة، والتر بنيامين (بالنسبة لوالتر بنيامين، الذي انتحر في سبتمبر/أيلول 1940 هربا من النازية، فإن معنى التاريخ، هو الانتقال من كارثة إلى أخرى) (ص. 13).3 - عدم الاكتراث: أسوأ المواقف. 4 - احتجاجي بخصوص فلسطين. 5 - اللاعنف، الطريق الذي يتوجب علينا اتباعه. 6 - من أجل عصيان سلمي.
وإذا كان الكتيب الصغير طافحا بقضايا هامة وشاملة. فإن «الشرق الأوسط» طرحت بعض الأسئلة التي تخص الشجن العربي والفلسطيني على هذا الرجل الذي يقترب من مئويته. وكان أول سؤال بخصوص الموقف المعارض، إن لم نقل المعادي، الذي يتعرض له، وهو اليهودي الناجي من المحرقة، من قبل المفكرين اليهود الفرنسيين، ومن بينهم ليفي وفينكلكروت، الذي وصف هيسيل، في مجلة «نوفيل أوبسرفاتور»، بأنه من البوبو (أي من شريحة البورجوازيين البوهيميين، التي تمارس النضال كترف). يرد هيسيل بأن هؤلاء يتناسون أنني كنت منخرطا في أشكال النضال المختلفة من سنواتي الأولى. إن هؤلاء يسيئون إلى قضيتهم التي يدافعون عنها، وهي إسرائيل، من حيث يتصورن أنهم ينصرونها (اللقاء مع هيسيل تم في مكتبة مونتروي، وتخلله هجوم على المكتبة من قبل عصابات يهودية، تنادي بالموت للفلسطينيين والحياة لإسرائيل، وتتهم هيسيل بالعمالة للفلسطينيين). «إنهم أوغاد، هؤلاء! لم يدافع عن إسرائيل أحد مثلما فعلت أنا».
يكتب هيسيل: «هل يفيد في شيء إطلاق حماس الصواريخ على سديروت؟ الجواب هو لا، ولكن يمكن تفسير هذا العمل بسخط الغزّاويين. وفي مفهوم السخط يجب تفهم العنف كنتيجة مؤسفة لوضعية غير مقبولة بالنسبة لمن يعانون منها. (...) السخط هو إنكار الأمل. وهو أمر مفهوم، بل أكاد أقول إنه طبيعي».
سألنا هيسيل عن زيارته إلى غزة، ولقاءاته مع القيادات الفلسطينية، هناك (إسماعيل هنية وآخرين). فأجاب: لا يمكن لنا أن نزور غزة من دون الاتصال بمن يُدير المنطقة سياسيا وعسكريا، ولا يضيرنا في شيء الاستماع إليهم، وأؤكد لك أن اللقاء كان إيجابيا، وسمعنا من قادة حماس رغبة في الهدنة وفي السلام. وأنا أنتهز هذه الفرصة لأندد برفض توني بلير، رئيس اللجنة الرباعية، الالتقاء بقادة حماس. وأعتبر تصرفه نوعا من الغباء السياسي.
لا يتصورن أحد أن هيسيل لا يضع في باله إسرائيل حين يتخذ مواقفه، فإذا كان في السابق قد قال إنه من أكثر المدافعين عن إسرائيل فهو صادق. نسأله عن كيفية الخروج من تشابكات وتعقيدات الصراع العربي الإسرائيلي، فيجيبنا بضرورة «إعمال الذكاء»، مكررا احترام الشرعية الدولية وقراراتها وتوصياتها. وهنا نسأله عن كيفية «إعمال الذكاء» من أجل تنفيذ واحترام القرارات الدولية، وخاصة «قرار عودة اللاجئين». هنا يتردد الرجل العجوز. حق العودة هو مقتل كل الغربيين. ويرد: «ثمة مسؤوليات كثيرة تتعلق بهذا القرار، والمسؤولية الأهم تقع على عاتق الدول التي استضافت هؤلاء الفلسطينيين.. أي الدول العربية.. تستطيع إسرائيل استقبال أعداد منهم، لكن لا يمكنها أن تستقبلهم جميعا، وإلا فلا وجود لدولة إسرائيل، العضو في المجتمع الدولي».
ثمة قواسم مشتركة تجمع بين المفكرين والساسة اليهود خارج إسرائيل (أقلية ضئيلة جدا تنفي فكرة وطن لليهود!)، ولكن ثمة أيضا اختلافات بين تياراتهم، إذ الفرق كبير بين رؤية ليفي وأدلير وفنكلكروت وغيرهم وبين مجموعة أخرى تتعرض، أحيانا للتحريم اليهودي والاتهامات بالخيانة بل والمحاكمات. لقد تدخّل اللوبي الصهيوني القوي في فرنسا لإلغاء ندوة تجمع ليلى شهيد برادة وستيفان هيسيل وريجيس دوبريه حول مقاطعة إسرائيل، وقبلها حوكم المفكر (الفرنسي اليهودي) إدغار موران بسبب مقال ينتصر لعدالة القضية الفلسطينية.
يقلق الصهاينة كثيرا حين يتصدى واحد من أبناء الطائفة اليهودية لجرائم إسرائيل، ويلجأون، أحيانا للعنف. غاظهم نجاح كتيّب ستيفان هيسيل وغاظتهم مواقف موران وآخرون. لعلّ الفلسطينيين يوظّفون هذا المدد في الانتصار لقضيتهم. لعلهم!
من كان يتصور أن كتابا صغيرا يمكنه أن يصنع الحدث ويثير غيرة كبار المفكرين والمتخصصين في إعطاء الدروس الأخلاقية والسياسية (الذين يشكون من ضعف مبيعات مؤلفاتهم!)؟ وبالفعل استطاع كتيّب أو دفتر عنوانه «عبّروا عن سخطكم» لستيفان هيسيل، والصادر عن دار نشر صغيرة «أندجين» أن يتجاوز رقم المليونين في 15 ترجمة، كما ذكر لصحيفة «الشرق الأوسط». ويبدو أن الدهشة أصابت حتى مؤلفه، فقد قال هيسيل بأنه تفاجأ من رواج الكتاب «تصورت أنه يمكن بيع بضعة آلاف، فقط»، كما قال لنا. ولعلّ من الضروري التذكير بأن المؤلف، هو في سن الثالث والتسعين (ولد سنة 1917)، ولا يتوقف عن السفر وإلقاء محاضرات ومناقشة كل الأجيال عن الراهن الفرنسي، وما فيه من عنصرية، تجاه المهاجرين والغجر ورغبة في الانطواء، وعن الراهن الدولي، أي العولمة والليبرالية المتوحشة وديكتاتورية الأسواق المالية، ومختلف مظاهر الظلم، وخاصة الظلم التاريخي الذي يطال الشعب الفلسطيني. وهنا أيضا نذكر بأنه من أصل يهودي، وعاش في معسكرات الاعتقال النازية، وكاد أن يعدم لولا أنه استبدل باسمه، قبيل المناداة عليه، اسم أحد الذين تعرضوا للإعدام، ونجح في الفرار مرات عديدة من جحيم هتلر. وأصبح موظفا أمميا ساميا ساهم في إعداد «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان» سنة 1948. ومن حينها أصبح سفيرا دائما.
14 صفحة يتضمنها الكتيّب (إضافة إلى تصدير من الناشرة)، وهو مقسم إلى العناوين التالية: 1 - الدافع إلى المقاومة هو الاحتجاج، 2 - رؤيتان للتاريخ «كان الانخراط في المقاومة، بالنسبة لنا بسيطا، نسبيا. المقاومة تقتضي رفض الاحتلال الألماني والهزيمة. وكان بسيطا ما جاء بعدها من تفكيك للاستعمار. ثم حرب الجزائر، كان يجب منح الاستقلال للجزائر. الأمر بدهي». (ص. 12)، والرؤية الثانية سوداوية، ومن بين القائلين بها المفكر الألماني، صديق العائلة، والتر بنيامين (بالنسبة لوالتر بنيامين، الذي انتحر في سبتمبر/أيلول 1940 هربا من النازية، فإن معنى التاريخ، هو الانتقال من كارثة إلى أخرى) (ص. 13).3 - عدم الاكتراث: أسوأ المواقف. 4 - احتجاجي بخصوص فلسطين. 5 - اللاعنف، الطريق الذي يتوجب علينا اتباعه. 6 - من أجل عصيان سلمي.
وإذا كان الكتيب الصغير طافحا بقضايا هامة وشاملة. فإن «الشرق الأوسط» طرحت بعض الأسئلة التي تخص الشجن العربي والفلسطيني على هذا الرجل الذي يقترب من مئويته. وكان أول سؤال بخصوص الموقف المعارض، إن لم نقل المعادي، الذي يتعرض له، وهو اليهودي الناجي من المحرقة، من قبل المفكرين اليهود الفرنسيين، ومن بينهم ليفي وفينكلكروت، الذي وصف هيسيل، في مجلة «نوفيل أوبسرفاتور»، بأنه من البوبو (أي من شريحة البورجوازيين البوهيميين، التي تمارس النضال كترف). يرد هيسيل بأن هؤلاء يتناسون أنني كنت منخرطا في أشكال النضال المختلفة من سنواتي الأولى. إن هؤلاء يسيئون إلى قضيتهم التي يدافعون عنها، وهي إسرائيل، من حيث يتصورن أنهم ينصرونها (اللقاء مع هيسيل تم في مكتبة مونتروي، وتخلله هجوم على المكتبة من قبل عصابات يهودية، تنادي بالموت للفلسطينيين والحياة لإسرائيل، وتتهم هيسيل بالعمالة للفلسطينيين). «إنهم أوغاد، هؤلاء! لم يدافع عن إسرائيل أحد مثلما فعلت أنا».
يكتب هيسيل: «هل يفيد في شيء إطلاق حماس الصواريخ على سديروت؟ الجواب هو لا، ولكن يمكن تفسير هذا العمل بسخط الغزّاويين. وفي مفهوم السخط يجب تفهم العنف كنتيجة مؤسفة لوضعية غير مقبولة بالنسبة لمن يعانون منها. (...) السخط هو إنكار الأمل. وهو أمر مفهوم، بل أكاد أقول إنه طبيعي».
سألنا هيسيل عن زيارته إلى غزة، ولقاءاته مع القيادات الفلسطينية، هناك (إسماعيل هنية وآخرين). فأجاب: لا يمكن لنا أن نزور غزة من دون الاتصال بمن يُدير المنطقة سياسيا وعسكريا، ولا يضيرنا في شيء الاستماع إليهم، وأؤكد لك أن اللقاء كان إيجابيا، وسمعنا من قادة حماس رغبة في الهدنة وفي السلام. وأنا أنتهز هذه الفرصة لأندد برفض توني بلير، رئيس اللجنة الرباعية، الالتقاء بقادة حماس. وأعتبر تصرفه نوعا من الغباء السياسي.
لا يتصورن أحد أن هيسيل لا يضع في باله إسرائيل حين يتخذ مواقفه، فإذا كان في السابق قد قال إنه من أكثر المدافعين عن إسرائيل فهو صادق. نسأله عن كيفية الخروج من تشابكات وتعقيدات الصراع العربي الإسرائيلي، فيجيبنا بضرورة «إعمال الذكاء»، مكررا احترام الشرعية الدولية وقراراتها وتوصياتها. وهنا نسأله عن كيفية «إعمال الذكاء» من أجل تنفيذ واحترام القرارات الدولية، وخاصة «قرار عودة اللاجئين». هنا يتردد الرجل العجوز. حق العودة هو مقتل كل الغربيين. ويرد: «ثمة مسؤوليات كثيرة تتعلق بهذا القرار، والمسؤولية الأهم تقع على عاتق الدول التي استضافت هؤلاء الفلسطينيين.. أي الدول العربية.. تستطيع إسرائيل استقبال أعداد منهم، لكن لا يمكنها أن تستقبلهم جميعا، وإلا فلا وجود لدولة إسرائيل، العضو في المجتمع الدولي».
ثمة قواسم مشتركة تجمع بين المفكرين والساسة اليهود خارج إسرائيل (أقلية ضئيلة جدا تنفي فكرة وطن لليهود!)، ولكن ثمة أيضا اختلافات بين تياراتهم، إذ الفرق كبير بين رؤية ليفي وأدلير وفنكلكروت وغيرهم وبين مجموعة أخرى تتعرض، أحيانا للتحريم اليهودي والاتهامات بالخيانة بل والمحاكمات. لقد تدخّل اللوبي الصهيوني القوي في فرنسا لإلغاء ندوة تجمع ليلى شهيد برادة وستيفان هيسيل وريجيس دوبريه حول مقاطعة إسرائيل، وقبلها حوكم المفكر (الفرنسي اليهودي) إدغار موران بسبب مقال ينتصر لعدالة القضية الفلسطينية.
يقلق الصهاينة كثيرا حين يتصدى واحد من أبناء الطائفة اليهودية لجرائم إسرائيل، ويلجأون، أحيانا للعنف. غاظهم نجاح كتيّب ستيفان هيسيل وغاظتهم مواقف موران وآخرون. لعلّ الفلسطينيين يوظّفون هذا المدد في الانتصار لقضيتهم. لعلهم!
الاثنين، 15 أكتوبر 2012
أحمد الصياد لـ «الشرق الأوسط»: «ثقافة السلام» حرّف معناها وشوّهت غاياتها
|
السبت، 13 أكتوبر 2012
Marc Edouard NABE
| رغم محاصرته بسبب معاداته للثقافة الصهيونية | |
| مارك إدوار ناب يصدر كتاباً جديداً ويتنافس على جائزة أدبية | |
2010-10-23
باريس - محمد المزديوي
ليس سراً أن الكاتب الفرنسي مارك إدوار ناب من أهم الكتاب الفرنسيين، حالياً (27 كتاباً في دار النشر الشهيرة غاليمار وغيرها)، رغم سطوة الميديا في فرنسا، وسقوط الثقافة والبرامج الثقافية بين أيدي ثلة من المتصهينين، تحدّث عنهم وعن دسائسهم وصناعتهم لراهن الثقافة الفرنسية، اليوم، الكاتبُ الفرنسي الكبير رونو كامو، في كتابه المثير للجدل «بادية فرنسا»، قبل أن ينهار بسبب الهجوم الصهيوني، ويعتذر لهم، ويؤسس حزباً سياسياً، شغله الشاغل هو محاربة الإسلام والمسلمين، ولكن مارك إدوار ناب، وهو ابن عازف الجاز الشهير مارسيل زانيني(من أصول إيطالية)، كما أنه عازف جيد على القيثار، ويشارك أباه أحياناً، كما أنه من أهم المضطلعين بثقافة الجاز الأميركية، مُحاصَرٌ، بالمعنى الحقيقي للكلمة، إذ بسبب آرائه المعادية للصهيونية، حرم من البرامج الثقافية في التلفزيون الفرنسي (انهال عليه مرة الصحافي بن عمو، وهو صهيوني، بالضرب وأدماه، كما أن البرامج القليلة التي تستدعيه تُحرّف بعض كَلِمِه، وتشوه مراميه)، كما أن الصفحات الثقافية الفرنسية لا تقبل الحرية التي يعبر عنها في كتابته ولا ميوله السياسية، فهو من الفوضويين اليمينيين والمعادين للصهيونية، وحتى دور النشر الفرنسية قاطعته، فقرّر، مُكرهاً، الاتجاه للنشر الذاتي، وأصدر كتابه الجديد، واختار له عنواناً مثيراً، «الرَّجُلُ الذي توقَّفَ (أوقف نفسه)عن الكتابة»، ولأنه قرر مقاطعة القنوات العادية لتجارة وتسليع الكتاب فالكتاب يُطلب من موقع الكاتب مباشرة، مع دفع رسوم البريد: (www.marcedouardnabe.com).
والغريب أن تناول موضوع هذا الكاتب، الموهوب، والذي بدأ الكتابة في وقت مبكر جداً (من مواليد 1958)، وسط إعجاب شديد من الوسط الباريسي للثقافة، في هذا الوقت، دليل على أن الكتابة الأصيلة لا تضيع رغم كل الحصارات وكل التضييق، ولم يكن مفاجئاً أن يورد ملحق صحيفة «لوموند» للكتب، هذا الأسبوع، خبراً عن ورود اسم مارك إدوار ناب في قائمة المتنافسين على جائزة رونودو، ولو أن ثمة عقبات قادمة واختيارات أخرى، يمكن أن تحيط به وتمنح الجائزة لكاتب «مقبول» و «محترم». الدروس المستفادة من عودة الابن الضال للأدب الفرنسي كثيرة، منها أن ثمة من الكتاب الفرنسيين، أعضاء تحكيم الجائزة، من لا يزال موضوعياً ويمتلك حرية إغضاب القطيع أو السائد، ومن بينهم الكاتب «باتريك بيسون». وإذا كان الكثيرون هاجوا لمجرد ورود اسم مارك إدوارد ناب في القائمة غير النهائية، بسبب قدومه من غير الطريق العادي للكِتَاب وتسويقه، أي من دار نشر معلنة «ومحترمة»، فإن الكاتب بيسون ذكّرهم بأن النشر الذاتي، كان معروفاً في الماضي، ويورد بعض أسماء الملتجئين إليه وعلى رأسهم، دوستويفسكي وتولستوي، فلِمَ لَوْم مارك إدوار ناب، وحده؟! لا يُعوّل مارك إدوار ناب، كثيراً على الجائزة، فثمة مطبّات كثيرة في طريقها، ولكن هذه الدعاية المجانية، تساعده على زيادة مبيعات كتابه، ويستطيع «أبله باريس»، وهو عنوان لصحيفة مشاكسة أصدرها قبل سنوات، قبل أن تختفي، أن يفخر بكونه يحصل على %70 من قيمة الكتاب (عادة ما يحصل الكاتب، في الغرب، على %10 من حقوق المؤلف) في حين أن %30 تذهب إلى المطبعة. ولمن يعشق الجاز، فما عليه، حين زيارة باريس، إلا اقتناص السهرات النادرة التي ينجزها الأب العجوز، في مطعم «لوبوتي جورنال»، وبرفقة ابنه الكاتب، عازفاً للقيثار، في انسجام فني رائع. في كل مكابدات الكاتب وأشكال الحصار عليه كان أبوه حاضراً، وبقوة. ويأتي، بعد كل هذا، مَنْ يطالبنا بقتل الأب (رمزياً، نقصد، حسب فرويد!). | |
الكاتب المجري أمري كيرتيز
| في حوار مع الكاتب المجري أمري كيرتيز | |
| لست صهيونياً ولكن فناناً أوروبياً | |
2010-12-25
باريس ـ محمد المزديوي ذهل العديد من المهتمين بشؤون الأدب سنة 2002، من فوز الكاتب المجري أمري كيرتيز بجائزة نوبل للأدب، فقد كان بالفعل مغمورا إلا لدى أقلية صغيرة ولدى أعضاء تحكيم الجائزة. وذهبت الكثير من المواقف المتسرعة إلى درجة الحديث عن صهيونيته، والبحث عن الدوافع الحقيقية عن هذا التوشيح، خصوصا أن ثمة عشرات من الأسماء تنتظر كل سنة تتويجها، والأكيد أنها ستموت من شدة الانتظار. ولكن الكاتب، شأنه شأن الباحث والمفكر الكبير والتر بنيامين، لم يستسغ الفكر الصهيوني ولم يسقط في إغوائه. وقد كشف الأمر في حوار شيق أجرته معه المجلة الأدبية الفرنسية الرصينة "Le Matricule des anges" العدد 118 (نوفمبر/ديسمبر 2010)، نقتطف منه بعض المقاطع: - بالإضافة إلى رفضك كل خطاب عن الضحايا (أي حديث كاتب ما المستمر باعتباره ضحية)، تقوم بلي عنق مبدأ أدورنو Adorno، الذي يقول فيه: إنه لا يمكن لأي كان أن يكتب قصيدة بعد أوشفيتز، وبالتأكيد في كتابك "الهولوكوست كثقافة" (دار أكت سود 2009) على أنه بعد أوشفيتز لم يعد من الممكن أن نكتب قصيدة إلا عن أوشفيتز. - توجد ثلاثة طرق مختلفة لفهم المسألة الأدبية عن أسطورة أوشفيتز. ثمة في المقام الأول الرعب الذي سبق مؤتمر فانسي Wannsee، والشعور المسبق بما سيسفر عنه الأمر. وهنا سأشير إلى اسم كافكا، الذي يقول في مكان ما أتصوره في كتاب "محاورات مع كافكا" لغوستاف جانوش: "ينفتح الكون مثل فم. في هذا الحلقوم الضخم نفقد كل يوم أكثر فأكثر من حرية تحركنا الشخصية. أعتقد أنه قبل قليل يتوجب علينا أن نتوفر على جوازات سفر خاصة كي ننزل إلى ساحاتنا. العالم يتحول إلى غيتو". ثم جاءت تجربة معسكرات الاعتقال باعتبارها تجربة، شهادة المواطن المنذهل، الذي يتساءل في نظر تاريخ الحضارة الأوروبية: كيف كان الأمر ممكنا. هنا أفكر، بطبيعة الحال، في مؤلف كتاب: "لو كان رجلا" لبريمو ليفي Primo Levi. وأخيرا، يتبقى الذين أنتمي إليهم بتواضع، الذين اهتموا بشكل أكبر بما بعد الضربة، بنتائج أوشفيتز، مثل جان آمري وتادوز بوروفسكي. كان بإمكاني مثل آخرين، أن أعاند بشكل دائم في وصف سنواتي التي قضيتها في معسكرات الاعتقال، وأنا في لباس داخلي، فكي أستطيع تقديم شهادة يجب قبل كل شيء الإحاطة الواضحة بالهوية الخاصة، وامتلاك اليقين بأننا التقينا بحقيقتنا. إن فهم ميكانيزمات العمل في المعسكرات، كان بالنسبة لي في نهاية المطاف حركة بسيطة تشبه بساطتها حركة فتح نافذة غرفتي. - إذا كانت يهوديتك قد أتاحت لك أن تعيش التجربة الشاملة لوجود بشري خاضع للتوتاليتارية، فهي مع ذلك مطبوعة بختم السلبية، لماذا؟ - لم أصبح صهيونيا ولا متدينا أو مؤمنا، لكن أصبحت فنانا وأوروبيا. وقد كانت قرارات من الصعب اتخاذها، ولا أزال أجهل اليوم كما في السابق الثقافة والحفلات اليهودية، ومن بين كبار الفلاسفة اليهود لم أقرأ سوى سبينوزا Spinoza. وقد وجهت لي إسرائيل نداءات كثيرة ورفضت دائما الاستجابة لها. لدي تعاطف مع كل يهود العالم والتاريخ، لكن فقط حينما يكونون مطاردين أو في حال الخطر. عدا هذا فإن يهوديتي عبرت عن نفسها في غالب الأحيان باعتبارها تحديدا خارجيا. هل تعرفون المؤرخ البولوني والصحافي والناشط السياسي إسحاق دوتشير Isaac Deutscher؟ فقد ألف كتابا تحت عنوان "اليهودي غير اليهودي"، وفيه عرض لأنماط عديدة من المركبات اليهودية: المركب اليهودي كقومية، وكفوق قومية ثرية ذات نفوذ وكدولية ثورية.. إلخ. لنقل: إني متفق معه، كما أني متفق مع كوستلر Koestler حين يؤكد أن اليهود الذين لم يعودوا إلى إسرائيل ليسوا يهودا حقيقيين. فاليهودي الأرثوذوكسي كي يقول لك وداعا أو إلى لقاء قريب، يقول "إلى بيت المقدس". وإذا كان اليهودي معناه الالتحاق بدولة إسرائيل، فأنا لست يهوديا. لا، لست يهوديا! | |
Celine LOUIS
|
الخميس، 11 أكتوبر 2012
ماري فرانس يونيسكو تكتب عن أبيها "المُضْطَهَد"
| ||||||
|
لويس فيرديناند سيلين: سفر في آخر الليل
|
الاشتراك في:
التعليقات (Atom)



